2007/01/31

ذهب الزمان


أبحث عن
"ذهب الزمان" !!!
(يتبع)

2007/01/26

عبارات جاهزة: "من غير ليه" نموذجا



"صار لي شي ميّة سنة عم ألّف عناوين..."
جملة جميلة، سلسة وسهلة، اغترفتها الروح من بحور الفن الفيروزي الرحباني بكل أجياله، والكامن، لاشعوريا، في تلافيف اللاوعي...

هذه الجملة، وجدتها من حيث لا أدري، تطفو على سطح الذهن تلقائيا، كما يحدث عادة، عندما أكون بصدد كتابة نص، أو حتى التحدث بعفوية مع أحباء... نعم، هكذا، تتداخل كلمات الأغاني
المنتمية إلى زمن الصفاء والنقاء، ويحلو لي أن أسميه زمن البراءة! تتداخل هذه الكلمات في"المونولوج الداخلي" كما سمّاه علماء النفس ـ عندما تحدّث الذات ذاتها ـ أو في الخطاب الخارجي مع المحيط .

الأقدمون، وهم غير "الأقربون، الأَولى دوما بالمعروف"، كما هو معروف...
هؤلاء الأقدمون، كانوا يستشهدون بالحكم والأمثال الشعبية والعبارات الجاهزة، وحتى الأقوال المأثورة، المتوارثة "أبّا عن جد"... كان هذا قبل زمن الإعلام، بصحافاته المكتوبة والمسموعة والمرئية، لكن مع انضمام الإعلام إلى وسائل تناقل الموروث الشعبي، باتت هنالك عملية "تلاقح"، قوامها التمازج والتبادل، بين الحياة اليومية الواقعية، وما ُيضاف إليها،"مفلترا"، عبر أقنية الصفحة والصوت والصورة..
تجد شاعرا موهوبا، يتنفس هواء الحياة، يمتصه ألما... كما يمتص النبات ثاني أكسيد الكربون، ثم يطرحه جمالا، كما تطرح النباتات الأكسجين في الأجواء...
كلنا تنفسنا الهواء ذاته ، ولكن لسنا جميعا من فصيلة النبات الطارح لأكسجين الشِعر...

يمكن لكائن شعري إسمه مرسي جميل عزيز، أن يلتقط من مفردات حياتنا اليومية عبارة شائعة إلى حد أننا لم نعد نلتفت إلى كنهها، تقول مثلا: "عارف ليه.. من غير ليه...يا حبيبي بحبك"، يأتي رحيق العبقرية الوهابية الفذة، فيمرر فوقها لمسة من بريق خلطة الجمال السحرية التي لا يعرف سرها إلا الصفوة المختارين من أبناء وادي عبقر.

بصرف النظر عن الذكاء الترويجي الراقي الذي كان يتميز به "موسيقار الأجيال"، صحونا ذات يوم من مطلع سنوات التسعينات لنشهد انتشار أغنية "من غير ليه" في الأجواء،
" كانتشار النار في الهشيم" (عبارة جاهزة)

وعادت عبارة "من غير ليه" لتأخذ قيمة جديدة في حياتنا اليومية، فقد اكتسبت مرجعية فنية مشتركة، وأصبحنا، حتى دعاة الفردية بيننا، نسعد بمشاركة الآخرين، وبما يكاد يشابه التواطؤ، في تداول عبارة باتت تعني شيئا لكل منا، هذا الشيء قد يكون محددا، وقد يكون ذكرى، وقد يكون "قفشة" طريفة،

بالنسبة لي مثلا، تذكرني"من غير ليه" بلقاء مع أصدقاء قادمين من الأوطان الحبيبة، تمّ في أحد المقاهي الباريسية، طلبنا القهوة فأحضرها "الكرسون" الذي أخبرنا أنه مصري بعد أن سمعَنا نتحدث العربية، وصبّ قهوتنا...
( ولم يزدهاهيييييييييييييل!!!! وهذه بدورها عبارة مأخوذة عن الفولكلور الأردني الذي كان عاد وانتعش في سنوات الستينات بصوت "البدوية في باريس" سميرة توفيق... ترى أين هي الآن؟؟؟)
... صبّ قهوتنا وسألني: هل تريدين القهوة باللبن / الحليب؟ أجبت دون تردد: "من غير ليه!" وضحكنا
("ضحك طفلين معا" .. عبارة جاهزة من قصيدة الأطلال للشاعر ابرهيم ناجي والملحن رياض السنباطي وأم كلثوم)...
.. وضحكنا من القلب للقفشة التي تلاعبت بالكلام في اللغتين العربية والفرنسية، بما أن لفظ كلمة "حليب" بالفرنسية هو "ليه"...(lait) .

السطور السابقة تذكر بأهمية إنتمائنا إلى مرجعية ثقافية واحدة نتناقلها من جيل إلى جيل، أفقيا وعموديا، والأبسط أن أقول زمنيا ومكانيا، مع أفراد عائلتي الأقرب والأبعد، لكي نتمكن من أن نضحك معا، ونطرب معا، ونتأثر معا، ونتحمس معا، ونبكي معا، وقد نضطر للمعاناة ، وحتى الموت معا...
( الموت مع الجماعة رحمة !... عبارة شائعة مأخوذة عمن سبقونا)
الموت معا.. ونحن نعرف ما هي مرجعية ما يحرّك المشاعر فينا...

أن لا أضطر لأن أضحك وحدي إذا ما سمعت عبارة من إحدى مسرحيات نجيب الريحاني على لسان الرائعة ماري منيب، بلهجة "عصمليّة " مبالغ فيها : إنتي بيشتغلي إيه؟ من مسرحية "إلا خمسة"، أو أبكي وحدي إذا ما سمعت صوت حليم يهتف: أحلف بسماها وبترابها...!

مَن المسؤول عن محاولات محو ذاكرتنا الجماعية؟
تعددت قنوات الإتصال فكاد التواصل أن ينقطع، والوصل أن لايعود "إلا حلما"..
(لم يكن وصلك إلا حلما... من موشح أندلسي أعاد الرحابنة إحياءه!)

لا بأس من القنوات الاذاعية والتلفزيونية المتخصصة بالأخبار، بالأغاني الشبابية واالكلاسيكية، وبالرياضة والاقتصاد، بالأفلام الأجنبية والعربية والهندية وحتى الكورية، بالسياحة والسفر والمسلسلات القديمة والأقل قدما، ولكن ما الذي يمنع من وجود فضاء إعلامي مشترك يجمع حدا أدنى من أشياء جميلة وأساسية، يتفق عليها المنتمون إلى مختلف الأجيال ؟ ولماذا تتوفر رؤوس الأموال لكل المشاريع سريعة العطب والزوال، والساعية للتشبه بغيرها من المشاريع التي لا تشبهنا، ولا يجد الجادون فلسا واحدا لمشروع يعمل على توثيق أعذب ما في تراثنا من كلمات ونغمات وبسمات وضحكات، يتعاون فيه الشباب والكهول والمتصابون، لايهم ، الكل يعني الكل...!! (عبارة شائعة مأخوذة عن نكتة غير مهذبة... وهذا أيضا تراث !!). لماذا؟؟؟؟

صح ! نسيت...
من غير ليه...

2007/01/23

لا تفهموني غلط














بين
ما أفكر
وما أريد قوله
وما أظن أني قلته
وما قلته فعلا

وما ترغب أنت في سماعه
وما تظن أنك سمعته
وما سمعته فعلا

وما تريد أن تفهمه
وما فهمته فعلا،

هنالك ما يقارب العشرة احتمالات في حدوث "سوء تفاهم" بيننا...
ومع ذلك فلنحاول..."

حاولوا أن تفهموني...
أولا، لست صاحبة المقولة المذكورة أعلاه، بل هي للكاتب الفرنسي برنار فيربير، الذي ذاع صيته بين الأجيال الشابة من القراء الفرنكوفونيين كأحد أشهر كتاب روايات الخيال العلمي، وأعترف أنني عندما قرأت هذا المقطع الذي يفتتح به إحدى رواياته، تمنيت لو أنني كنت صاحبة المقولة، فقد عبّرَتْ تماما (أو هكذا ظننت ربما!!!) عمّا أشعر به تجاه المهنة الإعلامية بشكل عام، ومختلف فروعها، من مكتوب ومسموع ومرئي...
وما قد يأتي في المستقبل البعيد الذي سيعيشه أولادكم وأحفادكم،
بما أنني، شخصيا، حاولت المساهمة في عدم إرهاق الكوكب المتعب، أي الأرض، بذرية لي قد لا تكون صالحة، فقط من باب التزامي بالحفاظ على البيئة...
فالأبناء كاليانصيب، من يدري، مهما حاولنا أن نربيهم أفضل تربية، تتدخل عوامل كثيرة في تشكيل طباعهم، ومستقبلهم، أقل هذه العوامل القَدَر (ما أكبرها من كلمة!)، وأقوى هذه العوامل، المدرسة، الرفاق، وطبعا الإعلام...
الإعلام "المكتوب" الذي تتضاءل أهميته لصالح "المسموع"، و"المسموع" الذي تتراجع "فلوله"( وتكاد تصبح مقتصرة على سائقي السيارات وراكبيها) أمام هجمات "المرئي"، والمرئي بتطاوله على مختلف مرافق الحياة...

أتوقف هنا برهة لأتخيل بأنه قد يأتي زمن ويصبح فيه الإعلام "مشموما"، أو"متذوقا"، لأن حواسنا الأخرى قد تطالب، ذات يوم، بنصيبها من الوجبة الإعلامية التي أصبحت حاجة، كالخبز اليومي،
هذا إذا لم نكن في حالة حمية غذائية تنصح بالابتعاد عنه، (أي الخبز)، طالما أن الأطباء لم يفكروا بعد بنصيحة مرضاهم بالابتعاد عن القنوات الإخبارية، أو قنوات الأغاني، حفاظا على أعصابهم أو مشاعرهم،
ولو أني فعلا، وقعت، في مرة من المرات، على أخصائي في إحدى فصائل الطب البديل لمعالجة حالة اكتئاب عابرة، فلما اكتشف أن مهنتي الإذاعية تفرض عليّ سماع كم هائل من الأغاني، أوصاني بالتوقف عن سماعها، على الأقل، ما هو حزين منها، والحقيقة أني لم التزم بتوصيته، لأني كنت، ولازلت، أعاني من إدمان في هذا المجال..

أظن أني شططت كثيرا، عما كنت أريد قوله،
وهو أنه في ظل كل احتمالات سوء التفاهم الممكنة في أي تواصل بين الأشخاص، لماذا نضيف مشكلة "عدم الدقة"،
(أعرف أن التدقيق متعب وقد يبدو مملا أو مضيعة للوقت، ولكن ما الذي نفعله بالدقائق القليلة التي نوفرها من الوقت الضائع في التدقيق)،
ولماذا نضيف على احتمالات الوقوع في فخ "سوء التفاهم" مسألة "تجميل الكلام" ليصبح أكثر إثارة، بحيث يستفز "عنوان الكلام" المتلقي، قارئا كان أم مستمعا أم مشاهدا، دون أن نقدّر ما سيلحق بصاحب العلاقة من أذى، أو ما سيشعر به المتلقي من خيبة عندما سيجد أن كلام العنوان غير متطابق مع مضمون المقولة..
لماذا تتم معالجة الأمور إعلاميا وكأن الواقع قبيح أو باهت، وكأن الحقيقة غير جميلة، وكأنها غير قابلة للتسويق (والتشويق!) ...مع أن أحد توجهات الإعلام اليوم ذلك الجانب المسمى "تلفزيون الواقع"، وطبعا هو أيضا واقع "مجمّل!

لم يعد أحد يفطن إلى أن هنالك حقائق جميلة، وواقع ممتع.
الملح والسكر والبهارات، نعم، تزيد الحياة إثارة ومتعة، أحيانا، ولكن هل يخطر ببالنا القيام بتجربة أن نعود ونقضم تفاحة (لن أشط عن الموضوع، لا بتفاحة أدم ولا بتفاحة نيوتن!)، مجرد قضم تفاحة عادية، تفاحة بسيطة، غير مهجنة، "أورغانيك" كما يقول أتباع العودة للطبيعة، تفاحة دون سيليكون، يتم قضمها والعينان مغمضتان، لإعادة إكتشاف كنه التفاح أو الجوهر، ملامسة الحياة، متعة الحواس في بدائيتها...
وأرجو أن لا تفهموني غلط !!

2007/01/21

اصطفل




سأحبك وحيدة
سأحبك وكأنك موجود
وكأنك تحبّني
وكأنك ذهبت لتشتري علبة سجائر، وعلبة كبريت
أسمع صوت احتكاك عودها
فأتذكر قولك الضاحك، مجترّا كتّاب الروايات الرخيصة
"وأشعل لفافة التبغ..."
وأبتسم في سرّي لخيال وجهك المضاء
بحنو النظرة الماكرة، والابتسامة المتظاهرة بالبراءة...


سأحبك وكأنك موجود في حياتي،
وكأنني لا أعرف أنك لن تتصل ولن تعود
ولن تسمعني صوتك
ولن تضع يدك على أي جزء مني
سأحبك وأتحايل على ذكائي الذي يصرّ أن يعرف لماذا وكيف ومتى وكم ولِمَ لمْ...
وما تبقّى من أسماء الاستفهام


سأحبك كما لو أنك ستعود
وسأحتفل بمناسباتنا السعيدة العديدة
يوم ولدتَ ويوم ولدتُ ويوم بُعثتُ حية
بفعل نظرتك الأولى


سأحبك افتراضيا، وأعتبر أنك أتيت
إلى البيت
وفتحت الباب، وخلعت حذاءك عند المدخل
ومشيت حافيا على السجادة التي تعشق دوس قدميك


لن يكون هنالك فرق بين رضاك وجفاك
ستمتليء أيامي بهناء من فراغ
هناء كاذب مفصّل على مقاس رغباتي...
لن يجرحني برودك
لن يقتلني صمتك
ولن تخنقني نبرات صوت يتظاهر بالجفاء
طامعا في إبعادي لأسباب لا أفهمها
لا أقوى على فهمها
لا يقبل منطقي الإعتراف بها

سأحبك إلى ماشاء الحب....
اصطفل!!!!!!