سيحدث بعد قليل...
سيحدث بعد قليل... أنني سأخرج من بيتي لألاحق شعاع الشمس الماكر اللعوب الذي أيقظني قبل قليل، ولينبه ألم الظهر الذي نام أمس بعد غفوتي، فأجدني أتقلب جهة الطاولة الصغيرة، وتطالعني ابتسامة صورة الطفل الملائكي لوجه من كنت، ولا زلت، أعشق حتى بعد أن رحل،
غمزت الصورة بعينها... نعم اليوم، الأول من مايو، قبل ثلاثة عقود ونيف، انطلقت شرارة الحب بيننا...
في مثل هذا اليوم، كان عيد العمل، قلائل كانوا يعملون في ذلك اليوم النضالي العمالي، وكنا نحن الاثنين منهم، الباقون يخرجون عادة للمشاركة في المظاهرة المليونية، ويتهادون زهر الموغيه مع القبلات المعطرة بالعبق الحائر بين فل وياسمين وغاردينا قبل أن يقرر بإصرار أنه "موغيه" وبس... مضيفا بأن كل الأزهار الأخرى التي يحاولون تشبيهه بها لاتمتلك الصفة اللصيقة باسمه... "الموغيه" يحمل السعادة مناصفة لمن يُهديه ولمن يُهدى إليه..
سيحدث بعد قليل... أنني ساخرج إلى دار العبادة القريبة، حيث تقف قديسة صاحية ليل نهار، لتنصت بصمت وبابتسامة "موناليزية" محيّرة إلى أحزان وعذابات زوارها اليائسين الذين يؤكدون لها بالدموع والشموع والبخور والتمتمات والابتهالات أن شفاعتها هي ملاذهم الأخير...
سيحدث بعد قليل أنني سأزور شفيعة الحاجات المستحيلة لأوقد شمعة عني وأخرى عن صديقتي الحزينة البعيدة...
وعند خروجي، أعرف أنني لن أذهب يمينا حيث يمكن التوغل في شارع الملذات والموبقات التي توزعت في متاجر ومتاحف وصالات،
سأتوجه يسرة لأشتري، عند منعطف الرصيف، باقة "موغيه"، وأخرى أصوّرها لأرسلها على جناح "الالكتروني" إلى المتألقة بحزن قلبها المطل من العينين، والكامن في بسمتها المحيرة الشبيهة ببسمة القديسة الشفيعة...
ستتلقى المرأة الحزينة صورة الزهرة التي تجلب السعادة، وسيطغى الفرح على ابتسامتها لوهلة، أعرف أنها قد تنسى أنها أمام شاشة صماء (وإن كان الكلام عبرها ممكن)، صماء لا كالغدد الموجعة، ستنسى صديقتي أن زهوري مجرد صورة ويتسلل العبير المفعم بوعود السعادة إلى أنفاسها، ستبتسم، وسينقشع، ولو إلى حين، الغيم الداكن الذي يمطرها بقطرات الحزن الأسود في ليلها الطويل بلا حب
سيحدث أن ابتسامتي الودودة التي ستعلو وجهي تلقائيا حين سأضغط على زر الإرسال في جهازي الكمبيوتري ستكون حاضرة عندما ستضغط هي على زر الاستقبال، وستفلسف هي أيضا، مثلما أفعل الآن، الفرح والكبت في هذا الزمان الذي يجعلنا قريبين وبعيدين في الوقت ذاته
وسأقول لصديقتي، فيما بعد، بالصوت، وربما بالصورة: "أيا كانت العوالم الصحراوية القاحلة التي قد تضطر ارواحنا للعيش فيها، إيماننا الممتطي صهوة الخيال، يسمح لنا بأن نسرق بعضا من نار المسرة الإلهية
هذا ما همست به الشفيعة الصابرة
أعرف أن كل هذا سيحدث بعد قليل، حتى وإن كنت لا أقرأ في الغيب...
5 comments:
So touching.. I'm impressed
هذه ثاني ؟ لا ثالث مرة سأبكي فيها هنا
واااااااااااااااااااااااااااع
مين صاحبتك هاي؟؟؟؟؟؟؟؟
انا كنت مفتكرة ما عندك صحاب غيري
:)
نارنجتي
انا لم اشتر عمدا باقات الموجيه لانها تذبل بسرعة شديدة و لأن السعادة كذبة
بس ما بيمنع انو بما انو انا صاحبتك القديمة تبعتيلي نسخة من الباقة
فاجأتني بنصك
مؤثر جدا
كالعادة نص مؤثر بتفوق
بالكاد أستطيع رؤية ما أكتب
محبتي
حدث ان
حدث ان علقت أحلامي على ساق ندية لزهرة زنبق الوادي...
حدث أن الساق الرقيقة لم تتحمل وطأة أحلامي.. ممكن وطأة أحزاني.. ممكن وطاة أملي...
حدث ان حمّلتني على ساق زنبقة.. وحدث ان سقطت عمدا! نحو الوادي!
حدث ان تحدثت مع "شفيعة الحالات المستعصية،" نعم حدث أن حدثتها طويلا.. حدث ان أعجبت باسمها لدرجة فكرت بتغيير اسمي قبل أن أعدل عن قراري بأن قررت أن اسمها سيكون اسم ابنيتي!
المهم حدث ان حدثتها، شفيعة الحالات المستعصية عن الصحراء القاحلة و المفتوحة ابدا على السماء...
حدث أن عرفت أن "نار المسرة الإلهية" لا يمكن أن تلمس مخلوقا أرضيا دون أن تحرقه... أو تحوله إلى فينيق...
حدث أن عرفت أن الشموع التي نشعلها خارج دواخلنا تذوب وتنطفئ وأنه عندما أشعل شمعتي بداخلي تحولني أنا إلى ضوء، في حين يتلاشى نورها ولو بعد حين كل مرة أشعلها في الخارج...
حدث أن جعلت شموعي في داخلي...
حدث أن جعلت "نار المسرة الإلهية بداخلي"
حدث أن سقطت... عن صهوة... زنبقة
حلوة صهوة زنبقة هاي
صار زمان ما قرأت تعبير مدهش
Post a Comment