2007/02/15

رسالة إلى مجنون



باريس: ذات يوم، ذات شهر، ذات سنة

"...صباح الخير يا مجنون،
لكم كنت مجنونة مثلك
ولكم جرّحتني الحياة فحوّلتني إلى جبانة..
ولم أعد أجرؤ على طلب شيء منها.

أغلقت باب غرفة الأمنيات
وألقيت بمفتاحها في البحر
وسجنت نفسي في زنزانة الأحلام المستحيلة
ورميت بمفتاحها أيضا عبر قضبان الكوة الصغيرة
التي أنظر من خلالها إلى مربّع سماء أحلم بوساعتها وصفاء زرقتها
يمر القمر بين الحين والحين ليذكرني برومانسيتي الضائعة،
تتسع له المساحة عندما يكون هلالا ضئيلا
لكنه يتجزأ عندما يكتمل، لأنه يصبح أكبر من قدرة الكوة على استيعاب اكتماله
اليوم لا أعرف إن كنت قادرة على الخروج إلى النور
مجرد التفكير في التفاصيل يرعبني..

أدهشني كثيرا أن يكون هناك من يفكر بي بعد كامرأة
وأنا التي أحاول الإختباء في سمنتي وملابسي السوداء الفضفاضة
لهذا ضحكت كثيرا عندما كلمتني بالتلفون
وسألتني عن الحب في حياتي.. وعن المستقبل..
لهذا أنعتك بالجنون في مطلع هذه الرسالة
ولهذا تذكرت الحوار الصغير الذي سمعته مرة
في أحد كلاسيكيات السينما المصرية في عصرها الذهبي،
قال البطل للبطلة (وكان زمن البطولات!!!) ما معناه:
إستبد بي الأمل وأريد أن أفتح في حياتي صفحة جديدة،
قالت له: إستبد بي اليأس وأتمنّى أن أموت
أجابها طيب"موتي فيّ"!! (هاهاها)
بكل بساطة.

يخيّل إلي أن في هذا الحوار الصغير ما يلخص الحالة
لا أستطيع أن أقول شيئاً الآن، أعرف بل متأكدة من أنك جاد جدا،
لذا يجب أن نلتقي مجددا للتحدث في شجاعتك وفي مخاوفي
ولك خالص مودتي وامتناني
الجبانة الخوافة
"..."

هي كلمات قيلت في عصر جاهلية العشق، قبل الاستسلام،
قبل انطلاق روح الجنّية الهائمة من قمقم سكنته ألف عام،
هي كلمات قيلت قبل عودة الميلاد، قبل القسم والوعد،
قبل تعميدي بماء الشغف والولع والوله والوجد،
قبل اعتماد اسمي النارنجي الفريد
وقبل سنة الهجر التي بدأ بها تقويم عهدي الجديد،
كان هذا قبل الطوفان،
وقبل اكتشاف ذهب الزمان...

(سيتبع كثيرا ...)


اللوحة للفنانة هالة الفيصل

7 comments:

Khawwta said...

أجمل ما في الحب هو الجنون

هي said...

نارنجة
نقذتيني اول ما بدأت بقراءة البوست، ظننت انه حصلت اشياء في غيابي قبل ان اكتشف ان الحكاية من دفاتر الماضي الذي لا يريد ان يمضي
ربما لانه ماض طازج نوعا ما و ربما لانك لم تفقدي الامل بعد
كتير حبيت الصورة التي تصفين فيها القمر، مذهلة
يا قمر

IronMask said...

"لذا يجب أن نلتقي مجددا للتحدث في شجاعتك وفي مخاوفي"

اليوم دار حديث طويل مع احد الاصدقاء حول قضية الشجاعة والخوف وباقي طباع البشر،

صديقي العلماني اصر على ان كل شي مرده في البداية للمورثات ومن بعدها للتربية والمجتمعات،
يقول ان طبائعنا هي شي تشبه الاسماء نملكها ولكن لانملك امكانية تغييرها،

لم أكن اختلف معه، لكن كنت ابحث عن جواب لسؤالي عن ماتنتهي به الامور معنا، هل هي نتيجة منطقية لطبائعنا، أم أن هناك يد اخرى تعبث بنا في هذه الحياة مهما كنا أو كانت مشكلتنا

يبدو أن إيزابيل الليندي لاتملك جوابا أيضاً:

"كثيراً ما سألت نفسي ، مثل آلاف الآخرين ، عما إذا أحسنت صنعاً، وعما إذا كنت محقة في المجازفة بجر نفسي الى مصير غامض أو إذا كان من الأفضل العيش دون مبالاة و لكني ليس لدي أجوبة لأسئلتي هذه ، لقد جرت الأمور بطريقة حتمية كما في المآسي الإغريقية ..."

قبل الطوفان said...

أعتذر سلفاً.. لكنني سأحتل هذا المكان مؤقتاً ومن دون استئذان فأقول:

خوتا:

أجمل ما في الحب هو الجنون.. ولكن الجنون يا سيدتي لا يعني انتظار ما لا يأتي أو أن نستعذب العذاب وننام في حضن الذكريات حتى تتحول إلى نعش..نعيش داخله

رات:

يبدو أنه لا شيء يتغير في غيابك.. وفي غيابه

إيرون ماسك:
بعض الشجاعة تهور.. بعض المخاوف أوهام
ولو أننا خرجنا من الصدفة التي نحتمي بها لوجدنا عالماً آخر في انتظارنا
ما أغرب هذه الدنيا.. ينتظرنا العالم.. فنحتمي بالصدفة

أعتذر مجدداً.. لكن هل رأيتِ من قبل غاضباً ليس من حقه أن يغضب؟!
على أي حال..هذا أفضل من أن نجامل بالصمت
فحين نغرق في بحر الماضي.. ننتظر يداً تمتد..لا عنقود عنب
وفي الحب كما الحزن..يكون الساكت عن الحق شيطاناً أخرس

Diala said...

قبل أن يمضي الماضي يجب أن نمر بعدة مراحل حتمية...الصدمة ثم الغضب يليها الألم الذي يقود إلى الحزن و المرحلة الأخيرة هي وقفة حازمة مع الذات لنقول لأنفسنا أن من سبب لنا كل هذا الألم كثير عليه كل هذا الحزن بعد ذلك إذا أبى الماضي أن يمضي علينا أن نمضي نحن لنبحث عن الحب عند من يتألم لألمنا و يشقى لشقاءنا و يحزن لحزننا

كل الحب لأحلى نارنجة

IronMask said...

ياسر

أحتلاك المكان أثار لدي أسئلة كثير وجعلني اكتب اشياء أكثر، فضلت عدم وضعها هنا لأن هذا المكان ليس لي وليس لك


فكتبته في مدونتي

شكرا لصاحبة المدونة على رحابة صدرها
:)

Narinja said...

Dear all
دُهشت ضحكت بكيت تأثرت من تعليقاتكم ومن الجدل الذي أثارته، لقد فتحتم شهيتي للكتابة بطريقة غابت عني من زمن طويل، سأكتب ردي مطولا الليلة في "بوست" جديد، لكم عميق امتناني، إلى اللقاء الليلة... ياه من فرط التأثر كدت أوقّع باسمي الحقيقي، على كل حال تسمية نارنجة صارت لصيقة باسمي الحقيقي