موسيقى تنبعث من البوست السابق... يخفت صوتها، ونتابع
بعد إطلالتي السريعة على إحدى وجهات النظر في فلسفة الزمن، عبر التدوينة السابقة، ولا أنكر إعجابي بها، أعود للحديث عن ذهب الزمان ونثراته التي أمضيت سنوات طويلة في جمعها وتخزينها في القارورة الصغيرة التي ترون رسمها في مكان آخر من هذه المدونة.
تأثرت للأصوات والأقلام التي راحت تدعوني إلى الخروج من عزلتي والسماح بدخول نور الحياة والحب ولو من ثقب صغير، وهنا لا بد من التذكير بعنصر هام قد غاب ربما عن أصدقاء مجتمعي الافتراضي الجديد... لقد أطفأت "ستين شمعة" قبل شهرين، وهي ترمز إلى المساحة الزمنية التي أمضيتها حتى الآن في الوجود وأنا أستهلك المليارات من لحظات "الفمتوثانية" ومن الثواني والدقائق والساعات والأيام والشهور حتى بلغت من السنوات ما يجعل ثمن الشموع في تورتة عيد الميلاد أغلى من ثمن التورتة !!! كما اعتاد أن يقول أصحاب الألسنة الطويلة واللئيمة في مزاحهم الثقيل!!!
الحياة لم تبخل عليّ بالحب، منحتني حبيّن عظيمين، الأول "أعطاني عمره" وقضى، والثاني أخذ أجمل "عمري" ومضى، وسأتغاضى عن حبي ما قبل الأول لعبد الحليم حافظ، وحبي ما قبل الأول مكرر لـ "ابن الجيران"، على أساس أنها مرحلة إجبارية لا بد من عبورها قبل نضوج العواطف...
الرسالة المعنونة "إلى مجنون" يرجع زمنها إلى عهد "ما بين الحبّين" ... بعد أن أفشل القدر حكايتي الأولى، وكنت أخشى خوض تجربة جديدة، ومع ذلك، تحديت هواجسي وأقدمت... أقدمت وقدمت كل ما يمكن لامرأة تدين بدين العشق أن تقدمه، هل أخطأت عندما أعطيت كل شيء؟ نبهتني صديقة أنضج مني إلى أننا عندما نعطي كل شيء، لا يبقى للآخر ما يمكن أن يأخذه بعد، ربما كانت على حق، لست أدري...
لم أندم يومها، يوم قرر هو القطيعة، ولم أندم بعد ذلك، رغم كل الآلام، لم أعاتب...
في يوم ميلادي الستين، ابتكرت لأجله ستين سببا تبرر ابتعاده عني دون سبب... حزنت، أي نعم، لكن شبح حبي الأول الراحل جاء ليواسيني بأن أحرق عددا من "اللمبات" في المنزل، (هذه طريقته في مغازلتي من العالم الآخر!!!) طقت واحدة تلو الأخرى، اضطررت بعدها لإشعال الشموع، بعد أن كنت أطفأتها مع أصدقائي للتو في سهرة بهيجة...
أقول في نفسي، هنالك نساء يعشن حياة بأكملها دون اكتشاف سر العشق والولع، وأنا أسعدتني الحياة بهذا السحر مرتين، ولا يهم إن لم تكن هنالك ثالثة... والثالثة هي بالتأكيد من رابع المستحيلات... وإذا حدثت ستكون عجيبة الدنيا الثامنة، لذا فأنا لا أتوقعها وإن كنت لن أرفضها ـ إذا وقعت المعجزة ـ لكن قناعتي بما منحته لي الحياة من لحظات الحب الجارف ـ وقد عبأتها في القارورة الأثيرة ـ هي كنزي الذي لا يفنى...
قد ترتفع أصوات لتؤكد لي أن الحب يمكن أن يأتي في كل الأعمار، لكن هنا فقط تتغلب واقعيتي على رومانسيتي، استثنائيا، فأنا لست "الصبوحة" التي تسمح لنفسها أو يسمح موقعها بوقوع ملوك الجمال الشبان في شخصها، ولا أملك ثروة تجذب خلفي "الجيغولو" الوسيمين، كما أن من هم في مثل سني أصبحوا "عجائز"(صحيح!!!) وأنا لا زلت في عقلي وعواطفي أراوح في مراهقة تتأرجح ما بين سن الرابعة عشرة والخامسة عشرة وآه ونص!!!
بقي لي أن أسترجع لحظات "ذهب الزمان" كتابة، لأتذكر "اللازي ماضا" على طريقة ماري منيب التي هي أيضا، مثلي، "مدوباهم اتنين" كما تقول في إحدى مسرحياتها...
لا لست مازوشية ولا أستعذب العذاب... لكني أريد أن أكتب حكايات الهيام... لماذا أكتب؟ وهو السؤال الآخر... فقط لأرسل في عالم المدونات الافتراضي، وفي فضاء المستقبل، شيئا يشبه رسالة داخل زجاجة، قد يقع عليها قارئ أو قارئة في لحظة خاصة من حياته، يكون في حاجة إليها وسط عالم يزداد فيه الشر والقبح والبغض والقلق والخوف، يوما بعد يوم، لتبقى كتابتي شهادة امرأة أحبت بكل خلايا نسيج زمنها، وبكل ما أوتيت من وجد، امرأة عاشت حرة في كيانها، دون أن تسيء لأحد، لأشهد بأن هذا كان ممكنا، بالرغم من كل شيء، لعلهم يفعلون...
4 comments:
في يوم من الايام كنت أتحدث عن المتعة الكبيرة والسعادة التي روادتي وأنا أقرأ رواية باولا لإيزابيل الليندي، أذكر يومها أن إحدى صديقاتي التي كانت تسمع كلامي رمقتني بنظرة أستهجان وقالت لي "كيف تستمع وأنت تقرأ كل تلك العذابات في الرواية، من أين تأتيك السعادة وأنت تقرأ قصة أم تتابع موت أبنتها يوم بعد يوم؟؟؟"
يومها لم أكن أعرف ما أقوله، كل ما كان عندي هو تلك المشاعر وليس عندي أي تفسير أخر، لكن منذ مدة قصيرة قرأت لقاء لأيزابيل الليندي توضح به مامرت به اثناء كتابة تلك الرواية المأساة، أعتقد أنها وضحت تماماً ما كنت أشعر به وأنا أقرأ قصة باولا..
هذا جزء من تلك المقابلة:
"
س: هل لك أن تتحدثي عن العناصر الاستشفائية للكتابة وعلى وجه الخصوص حول كتابك باولا؟ أعتقد أن كتابة (باولا) كانت صعبة جدا ومؤلمة جدا.
ج: حين كنت أقوم بكتابة (باولا) كانت مساعدتي تأتي إلى المكتب وتجدني أبكي. كانت تحتضنني وتقول :” لست مضطرة لكتابة هذا.” وكنت أجيبها بقولي :” إنني أبكي لأنني أتداوى. إن الكتابة طريقتي في الحزن”. كان ذلك الكتاب مكتوبا بالدموع ، ولكنها كانت دموعا علاجية. بعد أن انتهيت منه ، شعرت بأن ابنتي كانت حية في قلبي ، وأن ذاكرتها لم تضع. ما دام الأمر مكتوبا ، فسوف يتم تذكره. لا أستطيع أن أتذكر التفاصيل ، والأسماء والأمكنة ولهذا أكتب في كل يوم رسالة إلى أمي. حينما كتبت عن باولا وعن حياتنا معا ، قمت بتسجيلها إلى الأبد. لن أنسى أبدا. تلك هي حياة الروح.
"
تجدون اللقاء كاملاً هنا
http://www.doroob.com/?p=630
بكل صدق أقول نعم هناك فائدة تجنى من الإطلاع على آلام و عذابات الآخرين و إكتشاف إبداعاتهم و إبتكاراتهم للتكيف معها لكني لا أستطيع أن أتحدث عن متعة أو سعادة في ذلك .. لا أستطيع أن أمنع نفسي من مشاركتهم الشعور بالألم أو من التأثر و محاولة المساعدة و التخفيف إن أمكن و إن هم رغبوا في ذلك... لا أستطيع أن أبحث عن التسلية أو الفائدة و أتجاهل إنسانيتي سواء كان فيلما سينمائيا من وحي الخيال أو رواية من وحي الواقع
محبتي دوما
كل عام وأنت بخير
كل عام وأنت قادرة على الحب والعطاء
فقط لا تطفئي الأنوار..فالضوء وضوح وشفافية.. سواء حين نحتفل بعام جديد من الدهشة أو عندما تغفو الحكايات القديمة على راحة يدنا
تعرفين أنني أحترمك واهتم لأمرك
عقبال المية
واضح جداً من يللي كتبتيه إنو روح الشباب فيكي
مع أنو أنا ما بعتبر (60سنة) كتار
بالعكس بعد قادرة تحبي وتعطي كتير
كل إنسان رح يكبر ويوصل لعمر يحس إنو وقف الزمن وما عاد قادر يعطي
بس أنا برأيي الحب منو حكر على عمر معين، بيكفي تكون روح الشباب فيك حتى تحبي وتعطي من كل قلبك
أكيد رح تلاقي حدا يشوف جمالك الداخلي وما تنسي أنو الخمر كل ما يعتق بيصير أطيب.
عجبني كتير اللي كتبتي..
Post a Comment